onsdag 10. februar 2016

اكفروا بنظريات المؤامرة يا قوم!

نظرية المؤامرة هي من أعظم بلاوي العرب. عندما نكون جهلة، لا نقرأ كتب التاريخ الموضوعية و العلوم السياسية، و لا نقدر بالتالي على تحليل الأحداث و فهم ما يجري على الساحة السياسية نلجأ دائماً لنظرية مؤامرة. و بالنسبة للعرب فأمريكا و إسرائيل هما الطرفان اللذان يجلسان في غرفة التخطيط الشيطاني و يحركان قطع الشطرنج. كل متغَّير على الأرض لا يعجبنا هو نتيجة لعبتهما السياسية، السرية طبعاً، و التي نعلم بها رغم سريتها التامة و ننشرها على كل الجرائد و الصفحات.
قرأت الآن تحليلاً يختصر كل ما... يحدث في الشرق الأوسط من حروب و نزاعات بأطراف متعددة بخطة أمريكية تعود لعام 2006. و كأن الحكومات و المنظمات و الشعوب دمى متحركة و يمكن كتابة سيناريو و خلق الأوضاع و الوصول للنتائج دون تداخلات و تضارب مصالح و تعقيدات. هكذا كما يقوم المخرج السينمائي بصناعة فيلمه. تمثيلية على مدى سنوات و بحجم الشرق الأوسط.
يا إلهي!!
أنا لا أصدق أية نظرية شاملة بهذا الحجم مهما كانت و مهما بدت منطقية و مترابطة الحلقات. السبب بسيط. السياسة معقدة و عالم متغيرات تطرأ في كل حين، و من المستحيل لمخطَّط أن يُنفّذ على مدى سنوات عندما يكون متعلقاً بعدة أطراف دولية. لا يمكن التنبؤ بردود الفعل بعد إثارة تغيير، و لا تسيير الفئات البشرية و المنظمات و الحكومات بالطريقة التي يرسم لها المخطِّط و لو كان الله تعالى حتى، فما بالك بأمريكا؟ دولة ديمقراطية تتغير حكومتها كل فترة زمنية و مع ذلك تتغير المعطيات جزئياً. أمريكا محدودة القدرات هي أيضاً و لا تستطيع إعادة رسم الخريطة في الشرق الأوسط على مزاجها. و إسرائيل مشغولة بالدفاع عن وجودها كدولة و حكومتها أيضاً متغيرة و نظامها الديمقراطي أكثر تأرجحاً من النظام الأمريكي.
بالطبع لهاتين الدولتين القويتين مصالح سياسية و اقتصادية في المنطقة، و لا أحد ينكر أن لحكومة هاتين الدولتين يد في الأحداث، و لكن هناك فرق شاسع بين إدراك هذه الحقيقة و بين شرح كل ما يحدث في سوريا و اليمن و الجوار بناء على خطة مرسومة دقيقة التفاصيل و بغايات محددة سلفاً.

ارتقوا بوعيكم يا أهل الشرق الأوسط

سارة العظمة